سورة النمل - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النمل)


        


{طس تِلْكَ ءايات القرءان وكتاب مُّبِينٍ} أي وآيات كتاب مبين و{تلك} إشارة إلى آيات السورة، والكتاب المبين: اللوح، وآياته أنه قد خط فيه كل ما هو كائن فهو يبين للناظرين فيه آياته، أو القرآن وآياته إنه يبين ما أودع فيه من العلوم والحكم وعلى هذا عطفه على القرآن كعطف إحدى الصفتين على الأخرى نحو هذا فعل السخي والجود. ونكر الكتاب ليكون أفخم له. وقيل: إنما نكر الكتاب هنا وعرفه في (الحجر) وعرف القرآن هنا ونكره ثمّ، لأن القرآن والكتاب اسمان علمان للمنزل على محمد عليه الصلاة والسلام ووصفان له لأنه يقرأ ويكتب، فحيث جاء بلفظ التعريف فهو العلم، وحيث جاء بلفظ التنكير فهو الوصف {هُدًى وبشرى} في محل النصب على الحال من آيات أي هداية وبشارة فالعامل فيها ما في تلك من معنى الإشارة، أو الجر على أنه بدل من {كتاب} أو صفة له أو الرفع على هي هدى وبشرى، أو على البدل من {آيات} أو على أن يكون خبراً بعد خبر ل {تلك} أي تلك آيات وهادية من الضلالة ومبشرة بالجنة. وقيل: هدى لجميع الخلق وبشرى {لِلْمُؤْمِنِينَ} خاصة.


{الذين يُقِيمُونَ الصلاة} يديمون على فرائضها وسننها {وَيُؤْتُونَ الزكواة} يؤدون زكاة أموالهم {وَهُم بالآخرة هُمْ يُوقِنُونَ} من جملة صلة الموصول. ويحتمل أن تتم الصلة عنده وهو استئناف كأنه قيل: وهؤلاء الذين يؤمنون ويعملون الصالحات من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة هم الموقنون بالآخرة، ويدل عليه أنه عقد جملة اسمية وكرر فيها المبتدأ الذي هو {هم} حتى صار معناها وما يوقن بالآخرة حق الإيقان إلا هؤلاء الجامعون بين الإيمان والعمل الصالح لأن خوف العاقبة يحملهم على تحمل المشاق.
{إِنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة زَيَّنَّا لَهُمْ أعمالهم} بخلق الشهوة حتى رأوا ذلك حسناً كما قال: {أَفَمَن زُيّنَ لَهُ سُوء عَمَلِهِ فَرَءاهُ حَسَناً} [فاطر: 8] {فَهُمْ يَعْمَهُونَ} يترددون في ضلالتهم كما يكون حال الضال عن الطريق {أُوْلَئِكَ الذين لَهُمْ سُوء العذاب} القتل والأسر يوم بدر بما كان منهم من سوء الأعمال {وَهُمْ فِى الآخرة هُمُ الأخسرون} أشد الناس خسراناً لأنهم لو آمنوا لكانوا من الشهداء على جميع الأمم فخسروا ذلك مع خسران النجاة وثواب الله {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى القرءان} لتؤتاه وتلقنه {مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} من عند أيّ حكيم وأيّ عليم وهذا معنى تنكيرهما، وهذه الآية بساط وتمهيد لما يريد أن يسوق بعدها من الأقاصيص وما في ذلك من لطائف حكمته ودقائق علمه.
{إذ} منصوب ب (اذكر) كأنه قال: على أثر ذلك خذ من آثار حكمته وعلمه قصة موسى عليه السلام {قَالَ موسى لاِهْلِهِ} لزوجته ومن معه عند مسيره من مدين إلى مصر {إِنّى آنَسْتُ} أبصرت {نَاراً سَئَاتِيكُمْ مّنْهَا بِخَبَرٍ} عن حال الطريق لأنه كان قد ضله {أو ءَاتيكم بشهابٍ} بالتنوين: كوفي أي شعلة مضيئة {قَبَسٍ} نار مقبوسة بدل أو صفة. وغيرهم {بشهاب قبس} على الإضافة لأنه يكون قبساً وغير قبس. ولا تدافع بين قوله {سآتيكم} هنا {ولعلي آتيكم} في القصص مع أن أحدهما ترجٍ والآخر تيقن، لأن الراجي إذا قوي رجاؤه يقول سأفعل كذا وسيكون كذا مع تجويزه الخيبة، ومجيئه بسين التسويف عدة لأهله أنه يأتيهم به وإن أبطأ، أو كانت المسافة بعيدة، (بأو) لأنه بنى الرجاء على أنه إن لم يظفر بحاجتيه جميعاً لم يعدم واحدة منها إما هداية الطريق وإما اقتباس النار ولم يدر أنه ظافر على النار بحاجتيه الكليتين وهما عز الدنيا والآخرة، واختلاف الألفاظ في هاتين السورتين والقصة واحدة دليل على جواز نقل الحديث بالمعنى، وجواز النكاح بغير لفظ التزوج. {لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} تستدفئون بالنار من البرد الذي أصابكم، والطاء بدل من تاء افتعل لأجل الصاد.


{فَلَمَّا جَاءهَا} أي النار التي أبصرها {نُودِىَ} موسى {أَن بُورِكَ} مخففة من الثقيلة وتقديره ونودي بأنه بورك والضمير ضمير الشأن، وجاز ذلك من غير عوض وإن منعه الزمخشري لأن قوله {بورك} دعاء والدعاء يخالف غيره في أحكام كثيرة، أو مفسرة لأن في النداء معنى القول أي قيل له بورك أي قدس أو جعل فيه البركة والخير {مَن فِى النار وَمَنْ حَوْلَهَا} أي بورك من في مكان النار وهم الملائكة ومن حول مكانها أي موسى لحدوث أمر ديني فيها وهو تكليم الله موسى واستنباؤه له وإظهار المعجزات عليه {وسبحان الله رَبّ العالمين} هو من جملة ما نودي فقد نزه ذاته عما لا يليق به من التشبيه وغيره.
{ياموسى إِنَّهُ أَنَا الله العزيز الحكيم} الضمير في {إنه} للشأن والشأن أنا الله مبتدأ وخبره و{العزيز الحكيم} صفتان للخبر، أو يرجع إلى ما دل عليه ما قبله أي إن مكلمك أنا والله بيان لأنا و{العزيز الحكيم} صفتان للمبين، وهو تمهيد لما أراد أن يظهر على يده من المعجزات.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8